7.14.2010

مما أوقفنى فى كتاب عصر القرود لـ د.مصطفى محمود

*والرجل السوى لا يتصور الأنوثة مجموعة فتحات .. وإنما يفهم الأنوثة على أنها أمومة .. والمرأة المرغوبة هى المرأة التى تستطيع أن تجسد الرحمة والحنان , والتعاطف والمودة والفهم , وهو يعلم تماماً أن الأنوثة ليست صدراً ومقاسات .. وهو يعرف أن هذه المقاسات المثالية تتبخر بعد أول حمل .. وأن الغزالة تتحول إلى بقرة .. وأنه لا يبقى من الأنثى مما له اعتبار فى قيام البيوت إلا الأمومة والرحمة والحنان وقيم البيت الأصيل .. وأن الحرية هى أن تتحرر المرأه أولا من إلحاح الحيوان داخلها , ومن فحيح الغاب ولهاث الحواس .. لتصبح إنساناً .

*برغم أن الإنسان مشى على القمر وتحكم فى طاقة البخار , والبترول والكهرباء والذرة وغزا الفضاء .

لكنه بقدر ما حكم هذه الأشياء , بقدر ما فقد التحكم فى نفسه , وبقدر ما فقد السيطرة على شهواته .

*.. ففى الريف المناخ العام هو مناخ الوفاء .. يلقى الفلاح البذرة فى الأرض , فلا يخونه المطر ولا يخونه النيل , ولا تخونه الشمس , وإنما يجد الوفاء بالوعد هو القاعدة عند الجميع .. وإذا اجتهد فى الحرث والرى أعطت الأرض ثمارها فى الميعاد دون غدر .. ثم إن كل شىء يسير ببطء وهوادة دون هرولة ودون انفعالات ودون مفاجآت ..


*الإنسان يبلغ غاية قدراته مع رشد الكهولة , وبسطة الغنى ووفرة القوة ..


*فكل من يرتبط بغير وجه الله يهلك ..

وكل حب لغير وجه الله هو حب هالك .
يقول الله لنبيه فى حديث قدسى .. (عش ما شئت فإنك ميت , وأحبب من أحببت فإنك مفارقه ) .ـ

*وعطاء المرأة طبيعة وفطرة وليس فضيلة . وهو أيضا ليس فضيلة , لأنه عطاء يتلقى مقابلا النشوة , واللذة الفورية فهو عطاء مجز وتكاليفه ممتعة .


*الحب عنيفًا مشتعلًا وقلما يرحم


* إنما الفضيلة نور وعطاء من ذات النفس , بلا حساب وبدون نظر إلى مقابل , وهى صفة ثابتة تلازم صاحبها فى جميع مواقفه .. ولا تتلون بالمصالح .. فكما أن الله يرزق المؤمن والكافر .. كذلك الذين أخذوا كرمهم من عند الله تراهم يمدون يد المعونة إلى أصدقائهم وأعدائهم , وهذا شأن النور يدخل القصر والجحور دون تحيز .


* فالله حينما يشعل هذا الصراع بين النقيض والنقيض ( بين الروح والجسد ) فى الإنسان إنما يريد بذلك أن يوقظ إرادة النفس المستقلة , ويزكيها ويميزها كشىء متميز متعال , على إردة الجسم , والأعضاء التناسلية .. يريد كل إنسان أن يكتشف أنه ليس جسده .. وأنه حاكم لهذا الجسد , ولا يصح أن تنقلب الآية فيصبح الجسد حاكمًا عليه .. وأنه سيد على هذا الجسد , ولا يصح أن ينقلب السيد خادمًا والحاكم محكومًا , وإلا اندرج الإنسان فى عداد البهائم .


* إنما يكون الإنسان إنسانًا , حينما يقوم من الطعام قبل أن يمتلىء .

فالإنسان هو إنسان فقط , إذا استطاع أن يقاوم ما يحب ويتحمل ما يكره , وهو إنسان فقط إذا ساد عقله على بهيمته وإذا ساد رشده على حماقته , وتلك أول ملامح الإنسانية فى الإنسان .

* إنما يخلق الإنسان ليولد وحده , ويموت وحده ويشيخ وحده , ويمرض وحده ويتألم وحده , ويكابد وحده , ويلقى الله وحده .

ولا نملك أكثر من أن نهون على بعضنا الطريق .. ببذل الحكمة والخبرة والقول السديد .

* ويعود الأمر مرة أخرى .. فيتكرر فإذا بكل منا يقف موقف آدم .. أيأكل من الشجرة المحرمة أم لا يأكل ؟

ويكرر هذا الموقف أمام كل إغراء .. طوال حياته .. ولا تعفى الحياة أحدًا من الإغراء , ولا تعفى أحدًا من الامتحان , ولا تعفى أحدًا من ذلك الموقف القديم الذى وقفه آدم , لأنه فى مراد الله وفى خطته , أن يخرج المكتوم فى كل قلب , وأن تفتضح النوايا وتظهر الأعمال

*والإنسان الحكيم يذكر ذلك , كلما وقف ذلك الموقف الذى وقفه آدم , والذى يتكرر عليه بعدد ما فى الدنيا من مفاتن ومغريات , فيجاهد نفسه ليستنهض أشرف ما فيه .

وذلك هو الجهاد الأكبر .. جهاد النفس الذى تفتضح فيه مكانته اومنزلتها , ومصيرها وتعرف درجاتها.
وليس أشرف ولا أنبل من ذلك الجهاد.

*الشهوة تنبع من عين طينية مادية , والحب ينبع من عين نورانية صافية علوية .


* فالحب لا يشترى , ولا يمكن أن يكون حرفة أو تجارة , ولا يصح فيها تمثيل أو ادعاء .. ثم إن لحظة الشهوة تنسى بعد دقائق , على حين نرى ذكريات الحب تلازم صاحبها سنوات عمره .


* الرجل الناضج هو أقل احتفالا بالشهوة من المرأة , وهو يستريح إلى فتور هذه الشهوة , ويرى أن الفتور يحرر عقله وقلبه , ويساعده على تفريغ طاقاته لموضوعات أهم .


*لا توجد قاعدة فى الحكم على الإنسان ..

وإنما كل رجل وكل امرأة قانون فى ذاته ..
وقد أراد الله بالشهوة أن يمتحن إنسانية الإنسان .

* هذه هى الحكمة من خلق الدنيا .. تصنيف الناس وفق مراتبهم .


* لو كان جمال المرأة ملكها لبقى لها .. ولكنه من الله , ولهذا ما يلبث أن ينسحب عائدًا إلى موطنه , وعالمه ويخلف المرأة عجوزًا هالكة , لا شكل ولا صورة .

وأهل الله الذين عرفوا روح المسألة , قد أراحوا أنفسهم من شهواتهم واستراحول , وعلقوا همتهم بالله .. يطلبونه فى كل شىء .
وذلك هو المرتقى الصعب .
وما أسهل وصفه بالكلام .

* ماذا حدث بطول العالم وعرضه ؟ ما هذا الغل والضغن الذى تطفح به النفوس فى عصر الوفرة والألكترونيات والمشى على القمر , والميكنة الزراعية وارتفاع الدخول بين الزراع واهل الحرف والأعمال اليدوية .

كيف انقلب يسر العيش عسرا , والوفرة كمدا وجريان المال نقمة , والعلم جاهلية والتقدم قساوة وكيف أصبح للفوضى مؤسسات وللقتل نقابات وللجريمة دول ؟
أهو الإفراز الطبيعى لحضارة مادية لا تؤمن إلا باللحظة فيتقاتل الكل على الفوز بتلك اللحظة بالمخلب والناب ويتنافس الكل نهبا وسرقة وغشا .. فلا محاسبة ولا مراقبة ولا عقاب لمن يفلت , ولا بعث بعد موت والعالم كنوزه مستباحة , وخيراته لا حارس لها ولا صاحب .
فما بال آلاف المآذن وآلاف الكنائس وآلاف المحاريب .. وحلقات الذكر وأصوات التمتمة والحمحمة أهى كلمات لا تتجاوز اللسان ولا تتخطى الحناجر . وكثرة تقول ما لا تفعل وتفعل ما لا تقول .. والقلوب خاوية على عروشها والنفوس خراب شغلها الشاغل المادى والمكسب والخسارة , وإن كان لسانها يقول شيئا لآخر ..

* الكل يجرى وراء لا شىء. أحيانا أتمنى توقف هذا الطوفان من الهرج والمرج وأخذ الناس إجازة من هذا اللهاث , ولو إجازة مرضية يقضونها فى فراشهم يتأملون ويحاسبون نفوسهم وينظرون من بعيد إلى شارع الحياة .

وقفة بأمر المخرج الكونى .. سكوت .. صمت .. كلاكيت .. انتهى التصوير .. يهدم الديكور .. ويعاد بناؤه للمشهد القادم .
الرؤساء والسلاطين والأباطرة يخلعون ملابسهم ويرتدون ملابس الخدم .. والخدم يلبسون طاليس الملوك .. الكهنة يخلعون تيجان الذهب ويضعون أقنعة الحمير والخنازير . الحكماء يرتدون ملابس السوقة , والسوقة يجلسون فى منصات القضاء .
وأسأل نفسى أحيانا ..
ترى هل اقتربنا من تغيير المناظر بالفعل ؟
وهل أشرف المشهد الدرامى على نهايته ؟
وأتحسس ثيابى مرتاعا وأتساءل .
ترى من أكون فى المشهد القادم .. ؟!

* سيدى .. مولاى ..مليكى ..

ما بيدى شىء ..
ما بملكى شىء ..
ما بوسعى شىء ..
إلا ما أردت وأودعت واستودعت ..
إليك أرد كل الودائع .. لأستثمرها عندك فى خزينة كرمك ..
إليك أرد أبدع ما أبدع قلمى فهو جميلك , وإليك أرد علمى وعملى , واسمى ورسمى فهو عطاؤك , وإليك أسلم روحى وقلبى ونفسى , وجسدى فالكل من خلقك ..
ثم أسلم لك اختيارى ..
ثم أسلم لك سرى ..
ثم أسلم لك حقيقتى .. وهى أنا ..
وحسبى أنت ..
زكنى يارب , وطهر بإلهامك ورضاك لأكون يوم اللقاء من أهلك وخاصتك وخلانك .. لأكون كاتبك فى الآخرة .. كما جعلتنى كاتبك فى الدنيا .. ولأكون خادمك , وكاتم سرك وحامل أختامك , وعبدك المقرب المتحبب إليك بتضحية نفسه .

*** فالعزة والمنعة من صفات الكمال .

والشيوع والانكشاف من صفات الابتذال .
ومن هنا وجب أن تكون هناك مسافة بين الأحباء , وأن يكون الحب قربًا وليس اقتحامًا .
وتلك المسافة هى التى أسميها الاحترام .. حيث يحترم كل واحد سر الآخر , فلا يحاول أن يتجسس عليه .. ويحترم ماضيه ويحترم ما يخفيه بين جوانحه , ويحترم خصوصيته وخلوته وصمته , ويحاول أن يكون ستراَ وغطاء . لا هتكًا وتدخلًا وتلصصًا ونشلًا .
فالحب عطاء اختيارى حر , وليس مصادره قهرية وسلباً وغتصاباً .
وفى هذه الحرية جوهر الحب .
والله يقول عن عطاء الأسرار والعلم الذى يعطيه لعبيده :
( ولا يحيطون بشىء من علمه إلا بما شاء ) [ 255 - البقرة ] وتلك هى العزة فالله يعطى ما شاء من علمه لمن شاء .. لا يستطيع أحد أن يغتصب منه ما لا يريد .
ــ وتلك هى المسافة المقدسة .
وذلك هو الحمى الخاص لنفوسنا , لا يصح أن يطمح أحد فى دخوله أو فضحه , ومن يفعل هذا يقتل الحب ولا يحييه .
وحول هذا الحمى يجب أن نقيم نطاقات عديدة من الأسلاك الشائكة , ونطلق العديد من كلاب الحراسة ونبنى نقاطًا للإنذار المبكر .

* ( قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم ) [ 53 - الزمر ]

ولهذه الرحمة الشاملة , والمغفرة الكلية كشفت له الذات وجهها دون خوف , فى احتجبت عن العالمين .
..
وكيف لا يحبنا من نفخ فينا من روحه , وأسجد لنا ملائكته , وسخر لنا أكوانه وفتح للمذنبين منا كنوز مفرته , بل نظلمه إذا ساوينا بين حبه وأى حب من هذه الهزليات التى نقرؤها عن روميو وجوليت وقيس وليلى .
بل لا يساوى حرماننا من حبه حرماننا من أى حب ولا حرماننا من أى غال .
ولا يساوى غضبه علينا أى غضب .
وعلى خطايانا يجب أن نبكى حقًّا , وليس على أى هجر أو فراق , أو أى مرض أو أى موت , وذلك حال الذين قدروا الله حق قدره .
وما يستطيعون .
( وما قدروا الله حق قدره ) [ 67 - الزمر ]
لأنه لا أحد يستطيع أن يحيط بنعمه وعطاياه ومحامده .
ولهذا حمد نفسه وقال : ( الحمدلله رب العالمين ) .
لأنه لا يقدر على الحمد حقًّا إلا من أحاط بالأفعال الكريمة كلها , والمحامد كلها .. وذلك أمر لا يعرفه عن الله إلا الله ذاته .
ولهذا قال : ( الحمدلله رب العالمين ) .
فهو الحامد المحمود .
وهو وحده المستحق للحب الكامل دون العالمين .
وحسبنا نحن أن نتبادل من الحب المودة والرحمة .
وحتى على هذ لا يقدر إلا القادرون .

هناك 5 تعليقات:

  1. كتاب جميل جداً .. مقريتهوش قبل كده

    لكن عجبتني كتير من المقاطع ..

    هحاول اجيبه ف اقرب فرصه ..

    مدونتك جميله جدا على فكره .. :)

    ردحذف
  2. مرسيه يا قمر عيونك الجميله

    ردحذف
  3. ما شاء الله اللهم ارحمه رحمة واسعه واجزه عنا خير الجزاء آمين

    ردحذف
  4. تلخيص رائع جزاك الله خير
    اللهم ارحم الكاتب رحمة واسعة

    ردحذف